المشاركات

قد السمسمة

تزخر الموروثات الشعبية بالأمثال والأساطير التي نتداولها تبعاً للمواقف التي نعيشها وإن كان بعضها حرفيا يستحيل على العقل تصديقه ولكننا نتجاوز ذلك لاقتناعنا بالمغزى الذي ترمز إليه. فمثلا نقول في الخليج (قصّرت رقبتي أو صغرت رأسي بين الناس) ويقول أهل الشام ومصر (رقبتي بقت قد السمسمة) فهل من الممكن أن تقصر الرقبة أو يتقلص الرأس حرفيا؟ تحذير: الكلمات التالية لأصحاب القلوب القوية فقط. المفاجأة المُرة أن الرقبة تقصر والرأس يتقلص بالحرف، كيف ذلك؟ هناك طقس قتالي بشع تطبقه قبيلة الشوار في غابات الأمازون المطيرة على الخط الحدودي بين الإكوادور والبيرو وبالمختصر فحين يهزم الشوار أعداءهم فإنهم يفصلون رأس المحارب العدو وينزعون الجمجمة من الداخل مع المحافظة على الشكل الأصلي للرأس والشعر ويعمدون إلى نقع الرأس بالمياه الساخنة بترتيب معين وعملية معقدة من التجفيف تنتهي بتقليص جلد الرأس إلى ربع حجمه الحقيقي ومن ثم يعرض الرأس على عمود أو رمح على الملأ تحقيراً وإذلالًا وتصغيراً حرفياً لذاك العدو المهزوم ورسالة ضمنية للترهيب. ويسمى هذا الطقس بالرؤوس المقلصة التي كانت من الأساطير التي تروى عن الشوار و لكن خ...

أرأيت عيناً للبكاء.. تُعار؟

تعمر المرأة أكثر من الرجل حقيقة علمية لا جدال فيها. ولنعرف سبباً رئيسياً وراء تلك الحقيقة نقول: حينما تبكي المرأة بكاءً ثائراً تسقط الدموع بسرعة غير متناهية، حتى يكاد يخيل لك أن دموعها تقفز تِباعاً، ويبدأ الأنف بالسيلان، بالمناسبة ذلك ليس مخاطاً، إنما هي دموع، ولكن القناة الدمعية في العين عجزت عن تصريف كل تلك الكمية فحولت جزءاً منها عبر القناة المشتركة مع الأنف. خلال تلك العملية تخلصت المرأة من بعض المعادن السامة، خاصة المغنيسيوم الذي يعد من مسببات ارتفاع ضغط الدم، ومن 25% من هرمون البرولاكتين المسبب للاكتئاب. وحينما تنتهي الجولة البكائية يفرز المخ هرمون الأندروفين، وهو مسكن طبيعي يرخي الأعصاب ويتركها في حالة هدوء، وقد يغالبها النوم. وأنت أيها الشرقي لاتزال تحدق في وجهها المرتاح ببلاهة، متعجباً من التغير السريع في نفسيتها! ببساطة كل ما هنالك أن الدموع عموماً تنقسم لـ(مُطَّرية – تحسسية – عاطفية) وحينما نعود لمستوى الفلترة التي أُجريت، والتي تنحصر فائدتها في الدموع العاطفية فقط، والتي تزخر مقلتا حواء بها، وتبعاً للدراسات، فإن حواء تبكي بمعدل 65 مرة في العام، مقابل 15 مرة للرجل. إذاً فال...

مفاجأة!

صورة
هل تعرفون ما هي اللغة الأكثر انتشاراً على وجه المعمورة؟ ليست اللغات العابرة للقارات من عربية وإنجليزية وإسبانية وغيرها .. لا بل هي أوسع من ذلك! لأقرب لكم الصورة أكثر.. هي غير منطوقة.. تعتقدون أنها لغة الإشارة؟ أعتذر منكم لأن تخمينكم خاطئ.. هي لغة الرموز التي نستخدمها في الدردشة والرسائل سواء على الشبكة العنكبوتية أو من خلال أجهزة الاتصالات الذكية؛ التي تكاد تكون متطابقة عند الجميع، فمثلاً ما عدنا نكتب (أضحكتني) أو (هههه) بل يكفينا أن نختار الوجه الضاحك على حسب ما بين البسمة والضحكة الكبيرة والوجه المستلقي على ظهره من شدة الضحك. بتنا نرسم الاحتضان بالأقواس وحتى العين الغامزة ما عادت تعينا.. وتتوسع الرموز لتشمل الكثير والكثير من المصطلحات التي لا نملك الوقت الكافي لنكتبها، وكأننا اختزلنا خمسة آلاف عام من تطور اللغات لنعود للرمز الذي تركه الإنسان القديم لنا منقوشاً على الآثار هنا وهناك. شخصي المتواضع قرر البحث عن أقدم رمز عرفه الإنسان ولايزال يستخدم اليوم لذات الغرض.. وكنت أكاد أجزم أن الرموز الدينية هي الأقدم لكن النتيجة.. ندق الطبول.. والرمز الفائز بهذا الشرف هو: مف...

ثانتوس!

هل سمعت بكريشنا وثانتوس وتسوكويومي؟ هي أسماء لأساطير كونت الشكل الأساسي للميثولوجيا في أصقاع العالم ورسخت الحقيقة الفطرية التي تؤكد حاجة الإنسان لقوى عظمى يتوق لها ويرهبها ويرضيها. تعددت الصور فالأساطير الإغريقية حوت بعض الآلهة الهجينة إلا أنها عظّمت أكثر الآلهة المشابهة للبشر في تفاصيلها من تزاوج وحب وغضب وكره وانتقام فخلطت بين المحسوس والغيبي حتى تستطيع عقول تلك الأمة المعروفة بفلسفتها أن تسقط حيثيات حياتها على تلك الآلهة، وننوه بأن الإغريق الشعب الفيلسوف دفن آلهته بين الإلياذات وكتب التنوير. أما في الهند والشرق الأدنى فمُجدت الآلهة الهجينة التي تُزاوج بين البشر وأنواع معينة من الحيوانات فولّدت آلهة تملك قوى خارقة، والغريب أن هناك من بقي يؤمن بقوى تلك الآلهة مع أن العلم الحديث أثبت استحالة إنتاج كائن هجين نصف حيوان ونصف إنسان لاختلاف عدد الكروموسومات بينهما. إذاً فالتعلق بالغيبيات هو حاجة تكمل النسيج التكويني للذات البشرية والخلل في إشباعها يترك فجوة لا يعرفها أتباع الديانات السماوية فذاتُهم ملئت بحب الله. ولفهم الأثر لتلك الغيبيات على أتباعها نأخذ الانتحار مثالاً فتسجل الهند و...

كافيين..!

تبدو الصورة ضبابية وأنت منهك.. تشربُ رشفة من قهوتك. عندها يبدأ يومك الحقيقي.. تتضح الصورة وتنجلي التفاصيل المهمة وتستطيع الإنجاز كما يجب. أيبدو لك المشهد مألوفاً؟ إنها دعايةٌ لمشروب قهوة. والكافيين المنبه هو الذي يجعل من تلك الدعاية حقيقة. هل تصدق ما سبق؟ إذا فالملايين التي تهدرها الشركات المنتجة للقهوة لم تذهب هباءً. فمخرجات العملية التسويقية تدرُ ذهباً والفضل يعود لعلم البرمجة اللغوية العصبية التي تسعى من خلالها الشركات للتأثير على المستهلك بتطبيق مبدأ الربط المزدوج الذي يعني إرسال إشارة للمتلقي تحمل شفرتين الأولى واضحة وصريحة والثانية ضمنية يعيها المتلقي ولكن لا يتخذ حيالها أية ردة فعل حقيقي بعكس تأثير الشفرة الأولى ولا يدخل ذلك ضمن نطاق الدعاية المُضللة. فإذا علمنا أن الكافيين من المنبهات التي تؤثر على المستقبلات العصبية للدماغ وبالتالي هي نوع خفيف من الإدمان، ولهُ أيضاً تأثيرات صحية ضارة، ولكن الشركات حينما تسوق لمُنتجِها لا تخفي حقيقة وجود تلك المادة بل تسعى جاهدة لإبراز الأثر السحري لها دون ذكر الأعراض الجانبية، وهذا خيار ذكي يجعل من الدعاية أكبر منوم مغناطيسي يتر...

تمساح أبيض!

صورة
في رؤيتنا للحياة نتفق كثيراً على الأبيض والأسود، وتكمن اختلافاتنا في المنطقة الواقعة بينهما، كلٌ تبع خلفيته. السؤال: ما نتفق عليه أصحيح بالمطلق؟ دائما نُسبِغُ الأبيض بصفة الملائكية والشفافية، نداعب القط الأبيض، تمتعنا الحمامة البيضاء بهديلها، نرى تلقائياً أن الإنسان الأبيض شخص نظيف ما لم يثبت العكس، وعلى النقيض نرى الشخص الأسود متسخاً ما لم نجد برهان نظافته من هندامٍ ورائحة، ويفزعنا القط الأسود، ونرى أن الغراب نذير شؤم، أو عاقِلُنا على الأقل لن يجد في قُربه أمراً مريحاً. إذاً نحنُ عنصريون؟ الحقيقة لسنا كذلك، لكن مسلّماتنا باطلٌ نصفها. القناعات البشرية ليست حديثة، فهي ضاربة في عمق البشرية ذاتها. ألِفنا الأبيض لأنه يشابه الملائكة المخلوقة من نور، ولأن البياض صفة للضياء الذي يشرق به عالمُنا، ويشبه الماء الذي يبقينا أحياء. وكرهنا السواد لأنه للظلام صفة، يبقينا في حالة خوفٍ ووجل من المجهول، وأطلقناه على ما يخيفنا من عفاريت وشياطين، وسلمنا بأنه لون الدرنِ والموت. ومع كل تلك المسلمات، فإن قانون الجذب الفكري يرسخها في ذاكرة العقل البشري حدثاً بعد آخر، ونجد بالمحصلة أننا حبيسو...

زئبق .. إيميلي نوثومب..

صورة
  الرواية : زئبق الروائية : إيميلي نوثومب دار النشر : المركز الثقافي العربي ترجمة : ناديا صبري دائما أحب أن أبدأ بالسبب وراء إقتنائي للكتاب نُصِحتُ بهذه الرواية أثناء حضوري دورة في فن الرواية  بالنادي الأدبي ولا أذكر من الذي نصحني بها هل هو د . معجب الزهراني أو الروائي يوسف المحيميد ولكن بالمجمل كانت أقل من توقعاتي بكثير مع أنهم اعتبروها من روائع الأدب العالمي . تطرح الروائية البلجيكية من خلال هذه الرواية رؤى الذات البشرية تجاه الجمال والسجن ، مدللة عليها بأسلوب نفسي وعلمي حمل المعلومة بين جنبات الرواية ونقلها للقارئ بصورة سلسة  . بنيت الأحداث الرئيسية للرواية على الصدف وهذا ما أفقد الرواية الشيء الكثير من جمالها فقد تحدث الصدفة مرة لكن أن تتكرر مرتين بذات الشكل .. أمر غير منطقي .. كثير من الحوارات داخل الرواية أعتبرها حشو .. لم تخدم القصة .. ولم أفهم سبب وجودها .. ربما قصور في قدرتي على القراءة.!! المفاجأة أن الرواية كانت لها نهايتين .. ترى الكاتبة أن على القارئ أن يختار الخاتمة التي تناسبه. وهذا محبط .. كان الأروع أن تتركن...