مغبرين.. ولنا الأجر!



        تماشياً مع الغبار الذي تسيد سماءنا خلال الأسبوع المنصرم لعلنا نحكم اللثام خلال قراءة هذا المقال درءاً للتوابع الصحية على الجهاز التنفسي.
فلا خلاف على أن الغبار أصاب نظافة البيوت في مقتل وأرهق صدور المبليين بمرض الربو باستنشاق موسعات الشعب الهوائية وهيج حساسية الرمد في عيون الأحباب، ولكن لننظر للنصف الممتلئ من الكأس، فالغبار والرياح الشديدة التي تنشط في نهاية فصل وبداية آخر من فصول السنة هي مبيد رباني للقضاء على الحشرات والفيروسات التي لو بقيت لأهلكت الكثير كما ورد في مقدمة بن خلدون.
ولنعلم أيضاً أن هذا الغبار في حال تبعه مطر كان أفضل سماد ممكن أن تحظى به الأرض، وكلنا يعرف أن الغبار يحمل اللواقح بين الأشجار، إذاً فللغبار حسناته بعيداً عن البخاخات وإسفنجات التنظيف، حتى أننا حظينا بيوم إجازة!
المفارقة أني أجد شبهاً كبيراً بين الغبار والمصائب الشخصية، فكلاهما يأتيان بلا مقدمات ولا يعنيهما أكنت مستعداً لهما أم أنك ستنهار مع أول إطلالة، وكلاهما يقتلان الضار حولنا، فالغبار يتكفل بالحشرات والفيروسات والمصائب تقضي على العلاقات الهشة التي كانت تثقل قلوبنا ولا تبقي إلا على من ضربت جذور محبتنا أطناب قلبه.
وصحيح أن الغبار يمنح الأرض السماد الأفضل الذي من الممكن أن تحظى به يوماً، فكذلك أيضاً المصائب فهي تجعل من صبرنا عليها سماداً ذهبيا نجني من بعده أعظم ثمر، وكلاهما يوردان الكثيرين المشافي ما بين اختناقات تنفسية وانهيارات عصبية.
وكلاهما ينطبق عليهما قوله تعالى «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم»،
الفرق الوحيد أننا تعايشنا مع الأول وجزعنا من الثاني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتاب القدر .. لمحبي الأكشن هذه الرواية تخصهم بإمتياز

أبناء القمر ..